بيوت الدعارة
إن بيت الدعارة هو المكان الذي يحصل فيه المرء على الخدمات والأنشطة الجنسية من قِبل أحد بائعات الهوى. تقنياً أي مكان تحصل فيه على الخدمات الجنسية قد يكون بيت للدعارة ، على سبيل المثال تعتبر بيوت الدعارة غير قانونية في بعض الدول حول العالم لذا تقوم بائعات الهوى بالإلتفاف حول القوانين وإستخدام أماكن أخرى مثل صالونات التدليك، الحانات والنوادي الليلية لإيجاد العملاء وإصطحابهم إلى الفنادق من أجل تقديم الخدمات الجنسية لهم .
محتويات
أصول الكلمة
إن كلمة بيت الدعارة ، مشتقة من الكلمة الفرنسية bordel وهي تعني " منطقة دعارة" . وأتت الكلمة الفرنسية "bordel" من أصول ألمانية مشتقة من كلمة " Bord" والتي تعني " جدار " . وقد إستخدمت هذه الكلمة بهدف وصف الأكواخ التي كانت تُبنى من ألواح الخشب والتي ظهرت بها الدعارة لأول مرة في القِدم. و إنتقلت الكلمة إلى اللغة الفرنسية بسرعة كبيرة جداً ككلمة "bord" التي أصبحت فيما بعد كلمة "bordel" والتي تعني في الأيام الحالية بيت للدعارة.
وتُعرف كلمة بيت الدعارة بمعاني أخرى حول العالم ومنها bordello، cathouse، knocking shop، whorehouse ، strumpet house، sporting house، house of ill repute، house of ill fame، house of prostitution، و pleasure house. في حال سمعت أي من الكلمات السابقة فأنها جميعها تشير إلى معنى واحد وهو بيت الدعارة . تحت بنود القانون الإنجليزي ، بيت الدعارة غالباً ما يتم الإشارة إليه كمصطلح disorderly house أي " البيت المخالف للقانون" .
أنواع الأعمال التي تجري في بيوت الدعارة
إن بيوت الدعارة هي أحد أشكال الأعمال التجارية الجنسية وهي تختلف كثيراً من حيث طبيعتها و حجمها ، وإستناداً لذلك تختلف الخدمات الجنسية التي تُقدم فيها أيضاً. فيما يلي سنذكر بعض الأعمال التي يتم تنظيمها داخل بيوت الدعارة هذه :
- قد تعمل بائعات الهوى في بيوت الدعارة كعاملات تحت بنود عقود العمل ويتم تقاسم الأموال التي يقمن بجمعها من العملاء مع أصحاب بيت الدعارة و القائمين عليه. في نفس الوقت قد تحصل الفتيات على زيادة بسيطة " بقشيش" من العملاء ( شأن العاملين في مهن الخدمات الأخرى مثل عُمال النظافة و السائقين ) . في المقابل لا تحصل الفتيات على أي ميزات إضافية مثل التأمين الصحي ، الضمان الإجتماعي وغيرها من الإمتيازات التي يتمتع بها الموظف غالباً.
- قد تعمل بائعات الهوى مقابل راتب شهري ثابت إلى جانب الأموال البسيطة الإضافية التي يحصلن عليها من العملاء .
- إذا لم يتم إدارة أعمال بائعات الهوى المالية من قِبل صاحب بيت الدعارة فان الفتاة غالباً تقوم بدفع مبلغ مالي مقابل إستخدام أحد غرف وخدمات بيت الدعارة .
يتم في داخل بيوت الدعارة هذه تقديم مختلف أشكال الخدمات الجنسية من بائعات الهوى للعملاء . وفيما يتعلق ببعض المُمارسات الجنسية المختلفة فأن قبولها أو رفضها يكون عائد للفتاة رغم ذلك فأن ظاهرة إجبار الفتيات على بعض المُمارسات الجنسية من قبل صاحب بيت الدعارة ظاهرة مُنتشرة حول العالم و هي تندرج تحت قسم العبودية . أنشطة الدعارة و إدارة بيوت الدعارة قانونية في العديد من الدول، لكنها في المقابل غير قانونية في دول أخرى. في الدول التي تُعتبر فيها بيوت الدعارة و الأنشطة المتعلقة بها غير قانونية يتم إستخدام صالونات التدليك ، نوادي التعري ، الحانات والمَرافق المشابهة من أجل عرض الخدمات الجنسية إلى العملاء . حتى في الدول التي تكون بها الدعارة قانونية يتم إستخدام هذه الأماكن أيضاً لإيجاد المزيد من العملاء نظراً إلى بعض القوانين أو التعليمات التي تقيد أنشطة الدعارة، على سبيل المثال قد يمنع تقديم الخدمات الجنسية لمن هم تحت سن البلوغ على الرغم من أن الدعارة قانونية في تلك الدولة. وفي بعض الدول تخضع بيوت الدعارة إلى عدد من القيود أيضاً مثل إنشائها وتواجدها حصراً في مناطق الأضواء الحمراء .
الوضع القانوني الحالي
إن الدعارة و أنشطة إدارة و إنشاء بيوت الدعارة غير قانونية في الكثير من الدول، إلا أنه رغم ذلك فأن هذه الدول تشهد وجوداً للكثير من بيوت الدعارة الغير قانونية بها ، حيث يتم تجاهل القوانين التي تمنع إنشاء و تنظيم بيوت الدعارة تماماً ; وغالباً ما يتم تجاهلها من الجهات الحكومية ذات العلاقة . وتنتشر هذه الظاهرة في الكثير من الدول حول العالم لا سيما في قارة آسيا . ويتم عادة في هذه الحالات مُمارسة أنشطة بيوت الدعارة في صالونات التدليك ، الساونا و المرافق المشابة. في الأماكن الأخرى ، تكون الدعارة قانونية لكن الأنشطة الأخرى المتعلقة بها ( مثل إنشاء وإدارة بيوت الدعارة و الترويج للأنشطة الجنسية في الأماكن العامة) تُمنع و تكون غير قانونية ، وعلى الرغم من أن الدعارة قانونية لكن بسبب القواعد الصارمة تجاه الأنشطة المتعلقة بها فأنه منه الصعب جداً مُمارستها بالفعل دون التجاوز عن القانون و مخالفته . وتنطبق هذه الحالة على المملكة المتحدة ، إيطاليا وفرنسا .
من جهة أخرى ، في بعض الدول تكون الدعارة و بيوت الدعارة قانونية ومُنظمة ، وتختلف آلية تطبيق هذه القوانين و مداها من دولة إلى أخرى . غالبية هذه الدول التي يُسمح فيها إنشاء بيوت الدعارة قانونياً تشهد إنتشاراً قليلاً لبائعات الهوى في الشوارع ، بعض أجزاء أستراليا مثال على منطقة تكون فيها الدعارة وبيوت الدعارة قانونية ومنظمة . وتشتمل عملية تنظيم بيوت الدعارة : ضوابط التخطيط، متطلبات التسجيل ، الترخيص وغيرها من المُعاملات والإجراءات وقد يكون هنالك ضوابط أو قيود معينة يتم تحديدها خلال إجراءات التسجيل . لكن على الرغم من أن إنشاء وتنظيم بيوت الدعارة قد يكون قانونياً ذلك لا يمنع بتاتاً تواجد بعض بيوت الدعارة الغير قانونية . إستناداً إلى تقرير " التلغراف اليومي ( أستراليا )" ، فأن نسبة بيوت الدعارة الغير قانونية إلى القانونية فيسيدني هو واحد إلى أربعة ، وذلك حسب تقرير صدر عام 2009 ، حيث أشارت نتائجه أن 10% من أنشطة الدعارة تحدث في بيوت الدعارة القانونية بينما النسبة الأكبر تحدث في بيوت الدعارة الغير قانونية .
تتمتع هولاندا بأكثر القوانين المتساهلة و المتحررة تجاه الدعارة ، ولذلك فهي تجذب السياحة الجنسية من كافة أنحاء العالم. أما أمستردام فهي تُعرف بمناطق الأضواء الحمراء بها و التي تشتهر على مستوى العالم كما أنها أحد أهم واجهاتالسياحة الجنسية عالمياً. المانيا من جهة أخرى تعرف أيضاً بقوانينها المنفتحة بشدة تجاه الدعارة ، ويوجد أكبر بيت دعارة في القارة الأوروبية في مدينة كولجن الألمانية و يُسمى باشا . فندق دوماس الواقع في بوته ، مونتانا الأمريكية قد بدأ عمله بشكل قانوني في عام 1890 حتى عام 1982 ، وقد أصبحت بيوت الدعارة غير قانونية في الولايات المتحدة الأمريكية في يومنا هذا ، ماعدا في ولاية نيفادا ; ولكن تعتبر أنشطة الدعارة خارج بيوت الدعارة القانونية أمراً مخالفاً للقانون في جميع أنحاء الولاية . أما في مدينة كلارك والتي تضم جنة – لاس فيغاس ، فأن جميع أنواع أنشطة الدعارة فيها غير قانونية .
مناقشات حول الحالة القانونية لبيوت الدعارة
فيما يتعلق بقرار هل يجب على بيوت الدعارة أن تكون قانونية أم لاء، وفي حال كانت قانونية ماهي القيود التي يجب أن تفرض عليها ، أو ماهي الإجراءات التي يجب إتباعها من أجل جعلها قانونية ومُرخصة، جميع هذه المواضيع هي محل الجدل في الكثير من الدول. طالبت إتفاقية الأمم المتحدة 1949 ، بمنع ووقف التجارة بالبشر بجميع أشكالها ، إستغلال أنشطة الدعارة وما يتعلق بها مثل منع وإيقاف عمل بيوت الدعارة ، وإلغاء عمل بائعات الهوى اللواتي يعملن بشكل مستقل.
بنود الإتفاقية :
البند 1
يتفق أطراف هذه الإتفاقية علي إنزال العقاب بأي شخص يقوم، إرضاءً لأهواء الآخر:
(1) بقوادة شخص آخر أو غوايته أو تضليله، على قصد الدعارة، حتى برضى هذا الشخص (2) بإستغلال دعارة شخص آخر، حتى برضى هذا الشخص.
البند 2
يتفق أطراف هذه الإتفاقية، كذلك، علي إنزال العقاب بكل شخص:
(1) يملك أو يدير بيتاً للدعارة، أو يقوم، عن علم، بتمويله أو المشاركة في تمويله، (2) يؤجر أو يستأجر، كلياً أو جزئياً، وعن علم، مبنى أو أي مكان آخر لإستغلال دعارة الغير.
في الإتحاد الأوروبي ليس هنالك سياسة موحدة ، ولم يتم التوصل إلى إتفاق مشترك و متفق عليه من جميع الأطراف فيما يخص أنشطة الدعارة و بيوت الدعارة ; وحتى اليوم الحالي تختلف القوانين المتعلقة بها من مدينة إلى أخرى . وكما أسلفنا الذكر فأن المانيا و هولاندا تتمتعان بأكثر القوانين تسامحاً و إنفتاحاً فيما يخص أنشطة الدعارة و البيوت التي تُمارس بها ; في السويد ( إلى جانب النرويج و إيرلندا وهما يقعان خارج الإتحاد الأوروبي) عملية شراء ، ولكن ليس بيع ، الخدمات الجنسية : أمر غير قانوني ; في معظم الدول الشيوعية السابقة تستهدف القوانين الموضوعة بائعات الهوى : بينما في الدول الأخرى مثل المملكة المتحدة ، إيرلندا، وفرنسا يُعتبر نشاط بائعات الهوى ليس مخالفاً للقانون ، ولكن أنشطة الإغواء ، القوادة و بيوت الدعارة غير قانونية، الأمر الذي يجعل من مُمارسة الدعارة دون مخالفة القانون أمراً صعباً. وقد إعتبرت المُنظمة النسائية الشهيرة في أوروبا " European Women's Lobby " الدعارة بأنها " أحد أنواع العنف الذكري المفرط تجاه المرأة " ودعمت " النظام السويدي " في شأن الدعارة والأنشطة المتعلقة بها.
التاريخ
لقد أشارت المخطوطات القديمة للدعارة بأنها إحتلال ، وقد ظهرت في المخطوطات السومارية التي تعود إلى 4000 عام قبل الميلاد، معابد – بيوت الدعارة التي كان ينشئها الكهنة السومارييين في مدينة أوروك / Uruk. وقد تم تكريس ما أطلق عليه إسم " كاكوم" أو المعبد إلى الإلة عشتار و الذي تكون من ثلاثة أنواع من النِساء. المجموعة الأولى: كانت تُمارس الطقوس الجنسية في المعبد. المجموعة الثانية : كانت تهتم بالزوار ، أما المجموعة الثالثة فقد كانت من المستوى الأقل والتي تعيش في قبو المعبد وكانت تبحث عن العملاء في الشوارع. في السنوات اللاحقة ، عُرفت المعابد الجنسية المشابهة لهذا في اليونان، روما ، الهند ، الصين و اليابان.
أوروبا
كان هنالك العديد من بيوت الدعارة التي تحتوي على أسعار ثابتة للخدمات الجنسية التي تقدم فيها في أثينا والتي أنشائها الأسطوري سولون / Solon. وكانت بيوت الدعارة هذه تخدم الذكور وتضم نساء من كافة الأعمار والأشكال يقدمن الخدمات الجنسية للعملاء الرجال . أما في روما القديمة ، فقد كانت الفتيات اللواتي كن عبيد أو اللواتي تم إستعبادهن يقدمن الخدمات الجنسية لأفراد الجيش و العساكر حيث تم إنشاء بيوت الدعارة بالقرب من الثكنات العسكرية و جدران المدينة. كانت بيوت الدعارة هذه مُنتشرة في كل مكان، وقد تم إستخدام الشموع كإشارة تدل على أن بيت الدعارة مفتوح ومتاح لتقديم الخدمات الجنسية. قبل ظهور وسائل منع الحمل كتلك التي نشهدها في الأيام الحالية، كانت عمليات قتل الأطفال أمراً شائعاً في بيوت الدعارة . وعلى عكس ما كان يحدث في التاريخ القديم : حيث كانت ظاهرة قتل الفتيات بعد ولادتهن أمراً منتشراً في القِدم ، بينما كانت بائعات الهوى يملن إلى قتل الأطفال الذكور عند ولادتهم أكثر من قتل الفتيات .
لقد بدأت الدول بتنظيم أنشطة بيوت الدعارة بين عام 1350 و 1450 . حيث كانت المجالس البلدية التابعة للمدن هي التي تمتلك ، تدير و تنظم بيوت الدعارة القانونية. إلى جانب ذلك كانت الجهات الحكومية تحدد شوارع معينة حيث يمكن إنشاء بيوت الدعارة وكان يطلق على هذه المناطق المحددة في المدن إسم " مناطق الأضواء الحمراء" . ولم يتوقف الأمر على تحديد الشوارع المحددة لإنشاء بيوت الدعارة بها بل حددت أيضاً الوقت الذي يسمح فيه أن يفتح بيت الدعارة أبوابه للعمل وإستقبال العملاء. على سبيل المثال ، كان يُمنع أغلب بيوت الدعارة من العمل أيام السبت وأيام المناسبات الدينية ، دون وجود سبب معين لهذا الأمر. إعتقد بعض الباحثين أن هذه القيود وضعت من أجل إجبار بائعات الهوى الذهاب إلى الكنيسة للصلاة، بينما إختلف البعض الآخر في الرأي مشيرين أنه كان من أجل إجبار الأفراد للذهاب إلى الكنائس للصلاة و إبقائهم بعيداً عن إغواء بيوت الدعارة وبائعات الهوى . ولكن بغض النظر عن السبب الحقيقي فقد كان يتم منع بيوت الدعارة من العمل في أيام معينة . على الرغم من أن بيوت الدعارة كانت تقدم الخدمات الجنسية للرجال حصراً لكن لم يتم السماح لجميع الرجال بالدخول إليها ، فلم يُسمح بالدخول ل : رجال الدين، الرجال المتزوجين و اليهود أيضاً. غالباً كان الرجال الأجانب هم الفئة الأكثر إستهدافاً مثل التجار و الباعة . أما محلياً فقد كان الرجال العزاب هم الأكثر زيارة لبيوت الدعارة ، لكن رغم ذلك القوانين التي تحدد المستفدين من خدمات بيوت الدعارة لم تطبق في جميع الحالات و الأوقات . وقد كانت الجهات الحكومية و رجال الشرطة يقومون بالتفتيش في بيوت الدعارة هذه للتأكد من تطبيقها للقوانين و الأنظمة المحددة ليتم إغلاق تلك التي قد خالفت أحدها . وقد تم وضع هذه القيود على أنواع المستفيدين من خدمات بيوت الدعارة بالدرجة الأولى من أجل حماية الزوجات من جميع أنواع الأمراض المنقولة جنسياً، كما أن الكنسية إعتقدت أن مُمارسة الدعارة لا بأس بها فقط لمن لا يمتلك زوجة.
إلى جانب ذلك فقد تم وضع الكثير من القيود على أماكن تواجد بيوت الدعارة ، وعلى القواعد المتبعة في داخلها . أحد هذه القيود كانت منع بائعات الهوى من إقتراض الأموال من مدير أو مالك بيت الدعارة . في المقابل كانت بائعات الهوى تدفع أجوراً عالية لقضاء الإحتياجات الأساسية : مثل أسعار المسكن ، التنقلات، الطعام ، الشراب، الملابس ولوازم الإستحمام وكانت هذه الأموال تُدفع إلى الشخص المالك لبيت الدعارة. أسعار المسكن و التنقلات عادة كان يتم تحديده من قبل الجهات الحكومية لكن فيما يتعلق بالمصاريف الأخرى فقد كانت عائدة إلى طبيعة المرأة ومتطلباتها . كان يمنع أن يكون لأحد بائعات الهوى عشيق أو صديق حميم. إلى جانب ذلك وُضعت عدد من القواعد لحماية عملاء بيوت الدعارة، على سبيل المثال كانت النساء يتعرضن للطرد في حال وجد أن أحدهن تعاني من أحد الأمراض المنقولة جنسياً. كما كان من غير الأئق أو المسموح به أن تحصل بائعات الهوى على العملاء من الشارع، أو أن تقوم بإغواء أحدهم ، أو أن تطالب أو حتى تناقش حول مبالغ مالية غير مدفوعة. كانت بائعات الهوى يرتدين ملابس مختلفة لتميزهن عن باقي النساء الأخريات المحترمات و صاحبات الأخلاق ، على الأقل كما كان يُعتقد في تلك الفترة. في بعض الأماكن على سبيل المثال كان على بائعة الهوى أن ترتدي شريطة حمراء فوق ملابسها ، في الأماكن الأخرى كانت الشريطة صفراء اللون . في بعض المدن الأخرى كان هنالك غطاء معين يوضع على الرأس. جميع القيود التي تم فرضها على العاملات في بيوت الدعارة كانت لحمايتهن ولحماية المواطنين أيضاً.
على الرغم من جميع القيود و الشروط الموضوعة من أجل جعل بيوت الدعارة قانونية أو القواعد التي كانت مفروضة على العاملين بها ، قد ضعفت و إختفت مع مرور الوقت . ففي العصور الوسطى إجتاح وباء الزُهري أنحاء القارة الأوروبية الأمر الذي تسبب في إغلاق جميع بيوت الدعارة ، على الرغم من أن سبب إنتشار هذا الوباء كانت الجيوش الإسبانية و الفرنسية القادمة من رحلات إكتشاف القارة الأمريكية من قِبل كريستوفر كولومبوس. وقد إنتشر الخوف بين الكنائس والمواطنين أن تردد الرجال إلى بيوت الدعارة سوف يساهمم بشكل كبير في إنتشار الوباء.
منذ القرن 12 ، كانت بيوت الدعارة في لندن تقع في أحياء خاصة تسمى " Liberty of the Clink" . وقد كانت هذه المنطقة مملوكة من قِبل البابا وينشستر وليس لأحد الجهات الحكومية. في عام 1161 ، حصل البابا على موافقة السلطات الحكومة من أجل ترخيص عمل بائعات الهوى و بيوت الدعارة في هذه المنطقة التابعة له، ومن هنا أتت العلاقة بين مصطلح Winchester Goose و بين بائعات الهوى .حيث كان يتم رفض دفن النساء اللواتي عملن في بيوت الدعارة هذه في المقابر المسيحية، بل كانت تُدفن جميعهن في مقبرة مهجورة عرفت بإسم Cross Bones. في القرن الساس عشر ، ظهرت مجموعة من المسارح في هذه المنطقة ( من بينهم مسرح Globe Theatre الذي أقامه ويليام شيكسبير ) لكن إستمرت بيوت الدعارة بأعمالها أيضاً. كان Holland's Leaguer هو أشهر بيوت الدعارة في لندن. وقد قدم بيت الدعارة هذا الخدمات الجنسية ل جيمس الأول في إنجلترا ، جورج فيليرس، الدوق باكنغهام الأول . وقد كان يقع في شارع لا يزال يحمل نفس الإسم حتى يومنا هذا وهو مستوحى من مسرحية عرضت في عام 1631 Holland's Leaguer. السلطات الحكومية في باريس وخلال العصور الوسطى إتبعت نفس القواعد التي كانت مُتبعة في لندن ، وحاولت تقيد أنشطة الدعارة في مناطق معينة . قام لويس التاسع (1226–1270 ) بتصميم تسعة شوارع في منطقة ميدان Beaubourg حيث سُمح بأنشطة الدعارة فيها . في بداية القرن 19 ، بدأت الجهات الحكومية بتنظيم و إدارة بيوت الدعارة ( والتي كانت تُعرف بإسم "maisons de tolérance" أو "maisons closes" ) والتي بدأت بالظهور في عدد من المدن الفرنسية. إستناداً للقوانين، فأن بيوت الدعارة هذه كانت لا بُد أن تُدار من قِبل النساء ( غالباً من أحد بائعات الهوى) . كان يُطلب أن تستخدم بيوت الدعارة المصابيح الحمراء كدلالة على أنها تعمل وتستقبل العملاء ( ومن هنا أتت تسمية مناطق الأضواء الحمراء ) ، إلى جانب ذلك كان يُسمح لبائعات الهوى بمغادرة بيوت الدعارة أو maisons كما كانت تُسمى في أيام محددة فقط وبموافقة من مديره المكان. بحلول عام 1810 ، كان هنالك 180 بيت دعارة حاصلة على موافقة رسمية في باريس وحدها .
خلال النصف الأول من القرن 20، عُرفت بعض بيوت الدعارة مثل " le Chabanais " و " le Sphinx" على مستوى العالم، بسبب الخدمات الجنسية الفخمة التي كانت تقدم فيها . حتى أن الحكومة الفرنسية قامت بتنسيق زيارة إلى بيت الدعارة Chabanais خلال الرحلات السياحية التي كانت تُنظم للسياح خلال زيارتهم لباريس ، وقد كان يُرمز إلى هذه الزيارة ب " قم بزيارة رئيس مجلس الشيوخ " . أنشىء فندق " Marigny" في عام 1917 في الدائرة الثانية في باريس، و عُرف بخدمة العملاء المثليين . وقد كانت المناطق التي تشتبه السلطات الحكومية بأنها تحتوي على أنشطة جنسية للمثليين بما في ذلك فندق ماريغني، عرضة لمداهمات متكررة من قبل الشرطة، الأمر الذي يشير إلى تسامح الحكومة مع الدعارة لكنها صارمة تجاه المثليين . في غالبية الدول الأوروبية أصبحت بيوت الدعارة غير قانونية بعد الحرب العالمية الثانية . فرنسا على سبيل المثال حظرت بيوت الدعارة في عام 1946، بعد حملة مارث ريتشارد . ولم يجد هذا القرار ردت فعل قوية بسبب الإنشغال في الحرب مع الألمان في تلك الفترة. 22 من بيوت الدعارة في باريس كانت تُدار من قِبل الألمان لإستخدامهم الخاص حصراً ; وقد إستطاع الكثير من جني المبالغ المالية الكبيرة من خلال تقديم وجبات الطعام للجنود الألمان . وقد كان أحد بيوت الدعارة في منطقة Monmartre في العاصمة باريس جزءً من شبكة الهروب لأسرى الحرب حينها. أصبحت بيوت الدعارة قانونية في إيطاليا عام 1959 .
الولايات المتحدة الأمريكية
في الوقت الحاضر أصبحت بيوت الدعارة أقل شيوعاً مما كانت عليه في الماضي. إلا أن سواحل سان فرانسيسكو و ستوريفيل أورليان الحديثة ، تقدم خيارات رومانسية فخمة من بيوت الدعارة ، حيث النساء العاملات في الجنس المتواجدات منذ سنوات عديدة .
بيوت الدعارة للثكنات العسكرية
حتى يومنا الحالي، تقوم بعض الجيوش حول العالم بإرفاق الخدمات الجنسية إلى الفرق العسكرية من الجيش ، كأحد الوحدات الإضافية أو المُساعدة ، لا سيما إلى الوحدات القتالية التي تقضى فترات طويلة جداً في المعارك أو ساحات التدريب و القتال. كان يتم إجبار النساء على مُمارسة الدعارة من قبل الإحتلال الياباني كأحد أشكال الإستعباد الجنسي من قِبل الجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية . في جميع أنحاء شرق آسيا كان يطلق على بائعات الهوى " فتيات المتعة العسكرية " أو " وحدات الراحة و المتعة ". تشير التقديرات أن هنالك 34.140 ألف إمرأة من الدول المحتلة، لا سيما بولندا تم إجبارهن على العمل كبائعات هوى للنازيين خلال الحرب العالمية الثانية. وقد عملت النساء في اليابان كبائعات هوى أيضاً لكبار الضباط و العسكريين في وحدات مختصة للمتعة و الراحة . إلى جانب قيام الحكومة اليابانية بتجنيد 55 ألف إمرأة للتضحية بأنفسهن و حماية النساء الأخريات في اليابان .
في كوريا ، عملت الأميرات الغربية كبائعات هوى لقوات U.N ، وبين عام 1950 و 1960 ، 60% من بائعات الهوى في كوريا عملن في مناطق قريبة من الثكنات العسكرية الأمريكية التي تم إقامتها في كوريا الجنوبية | قواعد الجيش الأمريكي. بعد ذلك قام Park Chung-hee بتشجيع التجارة الجنسية مع الجيش الأمريكي تحديداً من أجل جني الأرباح المادية. منذ منتصف التسعينات ، عملت النساء في الفلبين و روسيا كبائعات هوى للجنود الأمريكيين في كوريا الجنوبية. في عام 2010 أوقفت الحكومة الفلبينية الموافقة على عقود العمل التي كانت تهدف إلى إرسال الفتيات للعمل في القواعد العسكرية الأمريكية في كوريا الجنوبية بعد أن تم التأكد من أن القوات الأمريكية في كوريا تجبر الفتيات العاملات في الحانات على مُمارسة أنشطة الدعارة الأمر الذي يعتبر أحد أشكال العبودية في الأيام المعاصرة.